أُحِبُك ..

أُحِبُك ..

كلمة تختصر كل المشاعر والرغبات والمسافات، وتكسر كل الحواجز الطبيعية لأي علاقة. حينما يقول لك أحدهم: أُحِبُك، يعني أنك شخص مهم في حياتي. أنك السعادة التي أشعر بها لمجرد مرور اسم يشابه اسمك.

أنك الأمل والفرح، الأمن والثقة.

أُحِبُك ..

تعني أن نبضات القلب تزداد، والأنفاس تتسارع، والشفاة تبتسم لرسالة منك لا تحوي سوى (مرحبا) ..!

فمرحبًا تلك، تقرأها عين القلب لا عين العقل، وكأن كل حرف منها روح مليئة بالمشاعر.

أُحِبُك ..

تسليم للنفس والقلب، ووأد للعقل والمنطق.

أُحِبُك ..

سُكْرٌ لذيذ، موسيقى عذبة، وإدمان عميق.

تراتيل نور

لأنَ الــحياةَ هِبَــاتٌ وفــرحــةْ

وشيءٌ مِنَ الروحِ في القلبِ سِرُهْ

فَتهوى القلوبُ من زادَ حُسْنُهْ

وتُبْغِضُ من أَبْدَى للناسِ شَرُهْ

فَطِيْبُ الكَلامِ وحُسْنُ البِسَامِ

صفاتٌ تَجْعَلُ للشخصِ شُهْرَهْ

وحُسْنُ الظُنُونِ وخُلُقٍ حَنُونٍ

تَراتِيْلُ نورٍ من الرَوضِ ثَمْرُهْ

جَمَعْتِ بذاتكِ كُلَّ الصِفاتِ

خُلِقْتِ مثالاً ولِطُهْرِ رَمْزُهْ

فكنتِ سماءً من العقلِ رِفْعَه

وكنتِ كنهرٍ عطاءٍ بِوفرهْ

وكنتِ كَشَجَرٍ يُحَامِي بِظْلِه

ثِمَارَ الطفولةِ في كُلِّ مره

أحــبكِ أمي حــباً أباهــي

بهِ العالمينَ أُغَنِيْ بِشِعْرِهْ

فيارب احفظ لي روحي وصنها

فوحدكَ يا ربِّ أرجو بنظره

أي الحنان الذي أرجي لتطبيبي ؟!

قد كنت أعلم أن الفقد يؤلمنا
حتى تذوقت فقد الروح من جسدي
روح تعانق قلبا كان يعشقها
عشقا عفيفا يضاهي أنجم السحبي
مازلت في الرحم مضغ لا أميزها
أصوات كانت تغني الحب في طربي
حتى إذا ما صرت في الدنيا ألاطفها
ببكاء طفل يصيح اليوم مغتربي
أين الغريفة الظلماء أقطنها ؟
بل أين حبل بها قد كان يطعمني؟
حتى إذا علت اﻷصوات ينغمها
أسماء طفل ليختارون تسميتي
منيرة أمي قال إليك أنسبها
فرحا وقد هد ذاك الجسم من مرضي
حتى إذا ما مر خمس ﻷشهرها
تغرغرت في الحلقوم  أوردتي
أواه يا قلب كيف النزع يوجفنا !
بل كيف للعيش أن يهنا وأن يطبي
عشرون عام مع خمس وأشهرها
تمر دون أنادي لمرة أبتي !!
أبتاه يا عيني ويا مجري أدمعها
الشوق يقتلني والفقد يضنيني
قل لي بربك أبتي من يعانقها
إذا تألم قلب فتاتك الغضي ؟
بل أي حضن تأوي حين يحزنها
أمر من الدنيا أو من يواسيني
إن كان حنان اﻷرض تحت أتربها
أي الحنان الذي أرجي لتطبيبي ؟

أعظم امرأتين

منذ أن خرجت على هذه الدنيا وموضي العبد الله التويجري هي أمي وأبي وجدي وجدتي وكل ما أملك في هذه الحياة؛ إنسانة استثنائية لم يخلق مثلها في العالم أجمع، لا أظن بأن ذلك الحنان الذي بداخلها حنان أم طبيعي؛ بل هو حنان يساوي أضعاف أضعاف أضعاف حنان اﻷمهات اﻷخريات. مازلت أرى نفسي تلك الطفلة المشاكسة المدللة؛ أو ربما كنت أصغر من ذلك لعلي اشبهني بطفلة رضيعة لم تبلغ الشهرين بعد، طفلة تعشق حضن أمها، تخوض في موجة بكاء حين تبتعد عنها.
حقيقة أعشق أمي حد الثمالة، بل أهيم بها حد الجنون، وربما لو جاز لي أن أعبد غير الله لعبدتها؛ ولبت ساجدة تحت قدميها طوال حياتي.
أمي موضي العبد الله التويجري امرأة عظيمة؛ بل لم تخلق العظمة إلا لها، كيف لا وهي من ربت ثمانية من اﻷطفال حتى باتوا رجالا ونساء يشار إليهم بالبنان، كيف لا وهي من جعلت من منزلنا مثاليا يضرب فيه المثل بالمودة والمحبة واﻹبداع.
حق لي أن افتخر بأمي موضي، وحق لي أن اتباهى بأنني ابنتها، وحق لهذه اﻷرض أن ترقص طربا لقدمي أمي التي تسير عليها.
واﻵن وقد بلغت بضعا وعشرين عاما يهبني الله بإنسانة كان لصوتها سحرا، ولحسن تعاملها وقعا، وللطافة ومحبة تخرج مع نغمات أحرفها جمالا ليس لبشري أن يحمل مثلها، اسمتني ابنتها، مسكت بيدي نحو عالم الطفولة بخطوات ثابتة ونصائح ذهبية.
وﻷن كلمة أمي مقدسة ولها حرمتها لدي حد الذنب، إلا أنني اسميتها أمي مها بنت محمد المسلم لعظيم تلك المشاعر التي تهبني إياها، وذلك الاهتمام اﻷمومي الذي ميزتني به.
وأخيرا ..
أن أبلغ هذا العمر وأنا أمتلك أمين عظيمتين هي السعادة بعينها.

عشرون عام

ويمر عام من رحيلك ينطوي

من بعد عشرون عام يا أبي

هذي السنون تمر دون ترحم

بالقلب أنات وشوق ينبني

بالله يا أهل القبور تكلموا !

فالناس فوق الأرض لا تتحملي

أعياهم الوجد المغلف بالبكاء

سهر الليالي والحنين بمقلتي

بالله يا أبتاه ماذا لو حييت ؟!

وبقيت بين بنيك حباً يعتلي

أواه يا أبتاه من حزن دفين

قد مزق القلب وروحي ترتجي

عشرون عام يا أبي مع بضعة

مرت بلا صوت ينادي يا أبي

أبتاه يا روحاً أغني باسمه

وأعيش أحلاماً بقربك أسعدي

واليوم يا بعضي ويا كل الدنا

أرثي رحيلك من دموع أحرفي

فالله يا الله يا رب السماء

جنات عدن لأبي منك ارتجي

 

أن يكون هناك قلب ينبض بك، وحضن ترتمي به لتستنزف كل الشحنات السالبة المتراكمة بداخلك شيء مهم.
نعم كانت ملجأ أرمي به متاعب الحياة، فبمجرد أن أضع رأسي على صدرها  وكأني أولد من جديد، كطفلة لم تبلغ من العمر ساعة.
طفلة لم تبلغ من العمر ساعة
.. ساعة !
كانت !
أظن بأنني لم أعد أعرف الكتابة والبوح عما في داخلي .. ولكن أود أن أكتب .. أكتب فقط !

ورحلت حبيبتي !

 

انفكت الإيدي .. تتسابق الدمعات في النزول .. أدارت ظهرها بكل صمت .. لم تتحرك تلك الشفتين الورديتين .. حفت الخطى نحو عالم آخر .. لا تدري ما الذي ينتظرها ..
ناديتها ..
.. حبيبتي إنتظريني .. لم تلتفت نحوي .. صحت بأعلى صوتي فلتأخذيني معك .. لم تجب!!
بكيت .. بل جن جنوني .. أخذوني لتلك الحجرة .. أسقوني ماء من كأسها الزجاجي .. لتهدأ روحي .. ولتطمئن نفسي .. وماهي إلا لحظات حتى دوت تلك الصرخة التي زلزلت كياني .. تعالت أصوات البكاء بين مصدق ومكذب ..
إلهي رحمتك أرجوا .. إلهي رحمتك أرجوا .
نهضت بتثاقل .. سرت ببطئ شديد لأفتح باب الحجرة .. لعلي أعقل ما حصل !! لعلي أصدق الخبر !! نظرت إلى الوجوه .. سادت لغة العيون .. لتحكي ليَ الواقع ..
لقد ماتت .. لقد ماتت ..
أرجوكم قولوا بأنكم تكذبون .. قولوا بأنه يخيل لي .. أتعلمون قولوا بأني أحلم .. نعم هي أضغاث أحلام .. ليست واقع .. هيّا تحدثوا !! لمَ الصمت ؟! لمَ البكاء ؟ هذا ليس بواقع !! هذا حلم !! فـ لنفيق منه جميعاً .. مابالكم !!
حسناً ..
 سوف أصعد لأناديها .. سـ تروني ممسكة بيدها .. سـ أقبل وجنتيها أمامكم .. وأداعب خصلات شعرها .. لتعلموا بأننا نحلم ..
دَلَفْتُ إلى حجرتها .. طرقت الباب .. ما من مجيب !! لعلها نائمة .. لن أُقيظها .. فـ لتهنئي حبيبتي بنوم هادئ وأحلام سعيدة .. قبلت مقبض الباب الذي لطالما عانقته يدها ..
عدت إليهم .. فـ التصمتوا .. إنها نائمة .. أصواتكم مرتفعة .. أخفضوها قليلاً .. أتاني صوت لا أعلم مصدرة ..
لقد ماتت .. لقد ماتت ..
التفت يمنة ويسره .. ارتفع الصوت .. رحمها الله واسكنها الجنة .. لتتعالى الأصوات .. اللهم آمين ..
شلت قدماي .. وقفت لبرهة أعيد شريط حياتي معها .. أيعقل بأنها ذهبت وتركتني وحيده !! لقد تعاهدنا بأن نبقى روح في جسدين ..لقد خطت أناملنا ذلك العهد في ورَيْقات لتبقى شاهدة علينا .. لا أصدق بأنها خانت ذلك العهد !!
هيّا من يريد أن ينظر إليها نظرة الوداع ؟؟
ذهبت .. نظرت إليها .. كانت نائمة مبتسمة .. ووجهها يشع نوراً .. طبطبت إحداهن على كتفي فـ لتدعي لها ..
صعقت بـ واقع دمرني .. لعلَّ تلك اللحظة أيقظتني من الحلم .. ضممتها .. قبلتها .. غسلت وجهها بدمعاتي لأبقى بجانبها حتى في لحدها .. حادثني قلبها ..
عزيزتي..
 لم أخُن .. العهد وأنا باقية عليه .. رحل جسدي ولكن روحي باقية معك .. سـ أبعث دوماً أطيافي لتوصل سلامي وأشواقي .. ضميها فهي مني وابعثي معها قبلاتك الحانية .. سـ أبقى على العهد ولتبقي كذلك .. أحــــبــــك ..
ورحلت حبيبتي دون عوده..

إمبراطورية الصمت

حينما يعلن الصمت تمرده ..
فيغزوا قلعة الحديث ..
ليقاتل ويأسر تلك الكلمات ..
يجعلها مرهونه بالصمت لفك قيدها ..
عندما تصارع الكلمات الصمت ..
ليشتد القتال .. ويحمى الوطيس ..
لتسقط بعض الكلمات قتيلة .. والأخرى جريحة تنزف ..
عندما تعجز العبارة عن تضميد الجراح .. فيصعب الإلتأم ..
لتلقى الكلمات حتفها من ألم النزيف ..
حينما تستجدي بالقلم ..
ليكون حليفاً لها ونصيراً ..
فيخذلها بجمل دامية .. وأحرف باكية ..
حين يجعل الدمع حبره .. لتكوي خدود الورق بحرقة ..
حين تمسح الممحات عبارات الفرح .. وتُبقي الحزينة الكئيبة ..
حينها فقط ..
سترفع الكلمات راية الإنهزام والخيبة ..
ويعلن الصمت نصره .. ويفرض سيطرته ..
ويخضع الكل لجبروته .. ويطعن القلب بدستوره ..
ويقضي على كل متمرد عاصي ..
لأنه في الواقع ..
إمبراطور القلعة ..